منابع ازمون وکالت 97

اصول فقه :: پرتال تخصصی فقه و حقوق

پرتال تخصصی فقه و حقوق

متون فقه | اصول فقه | حقوق اساسی | حقوق مدنی | حقوق تجارت | آیین دادرسی مدنی | آیین دادرسی کیفری

پرتال تخصصی فقه و حقوق

متون فقه | اصول فقه | حقوق اساسی | حقوق مدنی | حقوق تجارت | آیین دادرسی مدنی | آیین دادرسی کیفری

به پرتال تخصصی فقه و حقوق خوش آمدید

آمادگی برای آزمون وکالت

وبلاگ حقوقي نيما جهانشيري

پیوندها

کفایة الاصول - قسمت نهم

فصل
لا فرق فی نتیجة دلیل الانسداد ، بین الظن بالحکم من أمارة علیه ، وبین الظن به من أمارة متعلقة بألفاظ الآیة أو الروایة ، کقول اللغوی فیما یورث الظن بمراد الشارع من لفظه ، وهو واضح ، ولا یخفى أن اعتبارٍ ما یورثه لا محیص عنه فیما إذا کان مما ینسد فیه باب العلم ، فقول أهل اللغة حجة فیما یورث الظن بالحکم مع الانسداد ، ولو انفتح باب العلم باللغة فی غیر المورد.
نعم لا یکاد یترتب علیه أثر آخر من تعیین المراد فی وصیة أو إقرار أو غیرهما من الموضوعاًت الخارجیة ، إلّا فیما یثبت فیه حجیة مطلق الظن بالخصوص ، أو ذاک المخصوص ، ومثله الظن الحاصل بحکم شرعی کلی من الظن بموضوع خارجی ، کالظن بأن راوی الخبر هو زرارة بن أعین مثلاً ، لا آخر.
فانقدح أن الظنون الرجالیة مجدیة فی حال الانسداد ، ولو لم یقم دلیل على اعتبارٍ قول الرجالی ، لا من باب الشهادة ولا من باب الروایة.
تنبیه : لا بیعد استقلال العقل بلزوم تقلیل الاحتمالات المتطرقة إلى مثل السند أو الدلالة أو جهة الصدور ، مهما أمکن فی الروایة ، وعدم الاقتصار على (1) الظن الحاصل منها بلا سد بابه فیه بالحجة من علم أو علمی ، وذلک لعدم جواز التنزل فی صورة الانسداد إلى الضعیف مع التمکن من القوی أو ما بحکمه عقلاً ، فتأمل جیداً.
فصل
إنما الثابت بمقدمات دلیل الانسداد فی الأحکام هو حجیة الظن فیها ، لا
__________________
1 ـ فی « أ » : بالظن. 
 
حجیته فی تطبیق المأتیّ به فی الخارج معها ، فیتبع مثلاً فی وجوب صلاة الجمعة یومها ، لا فی إتیإنّها ، بل لابد من علم أو علمی بإتیإنّها ، کما لا یخفى.
نعم ربما یجری نظیر مقدمت الانسداد فی الأحکام فی بعضٍ الموضوعاًت الخارجیة ، من انسداد باب العلم به غالباً ، واهتمام الشارع به بحیث علم بعدم الرضا بمخالفة (1) الواقع بإجراء الأُصول فیه مهما أمکن ، وعدم وجوب الاحتیاط شرعاً أو عدم إمکانه عقلاً ، کما فی موارد الضرر المردّد أمره بین الوجوب والحرمة مثلاً ، فلا محیص عن اتباع الظن حینئذ أیضاً ، فافهم.
خاتمة : یذکر فیها أمراًن استطراداً :
الأول : هل الظن کما یتبع عند الانسداد عقلاً فی الفروع العملیة ، المطلوب فیها أولاً العمل بالجوارح ، یتبع فی الأصول الاعتقادیة المطلوب فیها عمل الجوانح من الاعتقاد به وعقد القلب علیه وتحمله والانقیاد له ، أو لا؟.
الظاهر لا ، فإن الأمر الاعتقادی وأنّ انسد باب القطع به ، إلّا أن باب الاعتقاد إجمالاً بما هو واقعه والانقیاد له وتحمله غیر منسد ، بخلاف العمل بالجوارح ، فإنّه لا یکاد یعلم مطابقته مع ما هو واقعه إلّا بالاحتیاط ، والمفروض عدم وجوبه شرعاً ، أو عدم جوازه عقلاً ، ولا أقرب من العمل على وفق الظن.
وبالجملة : لا موجب مع انسداد باب العلم فی الاعتقادیات لترتیب الأعمال الجوانحیة على الظن فیها ، مع إمکان ترتیبها على ما هو الواقع فیها ، فلا یتحمل إلّا لما هو الواقع ، ولا ینقاد إلّا له ، لا لما هو مظنونه ، وهذا بخلاف العملیات ، فإنّه لا محیص عن العمل بالظن فیها مع مقدمات الانسداد.
نعم یجب تحصیل العلم فی بعضٍ الاعتقادات لو أمکن ، من باب وجوب المعرفة لنفسها ، کمعرفة الواجب تعالى وصفاته أداءً لشکر بعضٍ نعمائه ، ومعرفة
__________________
1 ـ فی « ب » : بمخالفته. 
 
أنبیائه ، فإنّهم وسائط نعمه وآلائه ، بل وکذا معرفة الامام 7 على وجه صحیح (1) ، فالعقل یستقل بوجوب معرفة النبی ووصیه لذلک ، ولاحتمال الضرر فی ترکه ، ولا یجب عقلاً معرفة غیر ما ذکر ، إلّا ما وجب شرعاً معرفته ، کمعرفة الامام 7 على وجه آخر غیر صحیح ، أو أمر آخر مما دلّ الشرع على وجوب معرفته ، وما لا دلالة على وجوب معرفته بالخصوص ، لا من العقل ولا من النقل ، کان أصالة البراءة من وجوب معرفته محکمة (2).
ولا دلالة لمثل قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ) (3) الآیة ، ولا لقوله 9 : ( وما أعلم شیئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوات الخمس ) (4) ولا لما دلّ على وجوب التفقه وطلب العلم من الآیات والروایات على وجوب معرفته بالعموم ، ضرورة أن المراد من ( لیعبدون ) هو خصوص عبادة الله ومعرفته ، والنبوی إنّما هو بصدد بیان فضیلة الصلوات لا بیان حکم المعرفة ، فلا إطلاق فیه أصلاً ؛ ومثل آیة النفر (5) ، إنّما هو بصدد بیان الطریق المتوسل به إلى التفقه الواجب ، لا بیان ما یجب فقهه ومعرفته ، کما لا یخفى ، وکذا ما دلّ على وجوب طلب العلم إنّما هو بصدد الحث على طلبه ، لا بصدد بیان ما یجب العلم به.
ثم إنّه لا یجوز الاکتفاء بالظن فیما یجب معرفته عقلاً أو شرعاً ، حیث إنّه لیس بمعرفة قطعاً ، فلا بدّ من تحصیل العلم لو أمکن ، ومع العجز عنه کان معذوراً إن کان عن قصور لغفلة أو لغموضة (6) المطلب مع قلة الاستعداد ، کما هو المشاهد فی
__________________
1 ـ وهو کون الامامة کالنبوة منصباً إلهیاً یحتاج إلى تعیینه ـ تعالى ـ ونصبه ، لا إنّها من الفروع المتعلقة بأفعال المکلفین ، وهو الوجه الآخر منه ( 1 الشریف ).
2 ـ هذا تعریض بما أفاده الشیخ ( قده ) انتصارا للعلامة ، فرائد الأصول / 170.
3 ـ الذاریات : 56.
4 ـ وقریب منه : الکافی 3 / 264 ، والتهذیب 2 / 236.
5 ـ التوبة : 122.
6 ـ فی « ب » : الغموضیة. 
 
کثیر من النساء بل الرجال ، بخلاف ما إذا کان عن تقصیر فی الاجتهاد ، ولو لأجل حب طریقة الآباء والأجداد واتباع سیرة السلف ، فإنّه کالجبلّی للخلف ، وقلما عنه تخلف (1).
والمراد من المجاهدة فی قوله تعالى ( وَالَّذِینَ جَاهَدُوا فِینَا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) (2) هو المجاهدة مع النفس ، بتخلیتها عن الرذائل وتحلیتها بالفضائل ، وهی التی کانت أکبر من الجهاد ، لا النظر والاجتهاد ، وإلأ لادى إلى الهدایة ، مع إنّه یؤدی إلى الجهالة والضلالة ، إلّا إذا کانت هناک منه ـ تعالى ـ عنایة ، فإنّه غالباً بصدد إثبات أن ما وجد آباءه علیه هو الحق ، لا بصدد الحق ، فیکون مقصرا مع اجتهاده ، ومؤاخذا إذا أخطأ على قطعه واعتقاده.
ثم لا استقلال للعقل بوجوب تحصیل الظن مع الیأس عن تحصیل العلم ، فیما یجب تحصیله عقلاً لو أمکن ، لو لم نقل باستقلاله بعدم وجوبه ، بل بعدم جوازه ، لما أشرنا إلیه (3) من أن الأمور الاعتقادیة مع عدم القطع بها أمکن الاعتقاد بما هو واقعها والانقیاد لها ، فلا إلجاء فیها أصلاً إلى التنزل إلى الظن فیما انسد فیه باب العلم ، بخلاف الفروع العملیة ، کما لا یخفى.
وکذلک لا دلالة من النقل على وجوبه ، فیما یجب معرفته مع الإِمکان شرعاً ، بل الادلة الدالة على النهی عن اتباع الظن ، دلیل على عدم جوازه أیضاً.
وقد انقدح من مطاوی ما ذکرنا ، أن القاصر یکون فی الاعتقادیات للغفلة ، أو عدم الاستعداد للاجتهاد فیها ، لعدم وضوح الأمر فیها بمثابة لا یکون الجهل بها إلّا عن تقصیر ، کما لا یخفى ، فیکون (4) معذوراً عقلاً.
__________________
1 ـ فی « ب » : یتخلف.
2 ـ العنکبوت / 69.
3 ـ أشار إلیه فی الأمر الأوّل من خاتمة دلیل الانسداد / 329.
4 ـ ولا ینافی ذلک عدم استحقاقه درجة ، بل استحقاقه درکة لنقصإنّه بسبب فقدإنّه للإیمان به تعالى أو
 
 
ولا یصغى إلى ما ربما قیل : بعدم وجود القاصر فیها ، لکنه إنّما یکون معذوراً غیر معاقب على عدم معرفة الحق ، إذا لم یکن یعانده ، بل کان ینقاد له على إجماله لو احتمله.
هذا بعضٍ الکلام مما یناسب المقام ، وأما بیان حکم الجاهل من حیث الکفر والإسلام ، فهو مع عدم مناسبته خارج عن وضع الرسالة.
الثانی : الظن الذی لم یقم على حجیته دلیل ، هل یجبر به ضعف السند أو الدلالة بحیث صار حجة ما لولاه لما کان بحجة ، أو یوهن به ما لولاه على خلافه لکان حجة ، أو یرجح به أحد المتعارضین ، بحیث لولاه على وفقه لما کان ترجیح لأحدهما ، أو کان للآخر منهما ؛ أم لا؟
ومجمل القول فی ذلک : إن العبرة فی حصول الجبران أو الرجحان بموافقته ، هو الدخول بذلک تحت دلیل الحجیة ، أو المرجحیة الراجعة إلى دلیل الحجیة ، کما أن العبرة فی الوهن إنّما هو الخروج بالمخالفة عن تحت دلیل الحجیة ، فلا یبعد جبر ضعف السند فی الخبر بالظن بصدوره أو بصحة مضمونه ، ودخوله بذلک تحت ما دلّ على حجیة ما یوثق به ، فراجع أدلة اعتبارها.
وعدم جبر ضعف الدلالة بالظن بالمراد لاختصاص دلیل الحجیة بحجیة الظهور فی تعیین المراد ، والظن من أمارة خارجیة به لا یوجب ظهور اللفظ فیه کما هو ظاهر ، إلّا فیما أوجب القطع ولو إجمالاً باحتفافه بما کان موجباً لظهوره فیه لولا عروض انتفائه ، وعدم وهن السند بالظن بعدم صدوره ، وکذا عدم وهن دلالته مع ظهوره ، إلّا فیما کشف بنحو معتبر عن ثبوت خلل فی سنده ، أو وجود قرینة مانعة
__________________
برسوله ، أو لعدم معرفة أولیائه ، ضرورة أن نقصان الإنسان لذلک یوجب بعده عن ساحة جلاله تعالى ، وهو یستتبع لا محالة درکة من الدرکات ، وعلیه فلا إشکال فیما هو ظاهر بعضٍ الروایات والآیات ، من خلود الکافر مطلقاً ولو کان قاصراً ، فقصوره إنّما ینفعه فی دفع المؤاخذة عنه بما یتبعها من الدرکات ، لا فیما یستتبعه نقصان ذاته ودنو نفسه وخساسته ، فإذا انتهى إلى اقتضاء الذات لذلک فلا مجال للسؤال عنه ، ب‍ ( لم ذلک؟ ) فافهم منه ( 1 ). 
 
عن انعقاد ظهوره فیما فیه ظاهر لولا تلک القرینة ، لعدم اختصاص دلیل اعتبارٍ خبر الثقة ولا دلیل اعتبارٍ الظهور بما إذا لم یکن ظن بعدم صدوره ، أو ظن بعدم إرادة ظهوره.
وأما الترجیح بالظن ، فهو فرع دلیل على الترجیح به ، بعد سقوط الأمارتین بالتعارض من البین ، وعدم حجیة واحد منهما بخصوصه وعنوإنّه ، وأنّ بقی أحدهما بلا عنوان على حجیته ، ولم یقم دلیل بالخصوص على الترجیح به. وأنّ ادعى شیخنا (1) العلّامة ـ أعلى الله مقامه ـ استفادته من الإخبار الدالة على الترجیح بالمرجحات الخاصة ، على ما فی (2) تفصیله فی التعادل والترجیح (3).
ومقدمات الانسداد فی الأحکام إنّما توجب حجیة الظن بالحکم أو بالحجة ، لا الترجیح به ما لم یوجب ظن بأحدهما ، ومقدماته فی خصوص الترجیح لو جرت إنّما توجب حجیة الظن فی تعیین المرجح ، لا إنّه مرجح إلّا إذا ظن إنّه ـ أیضاً ـ مرجح ، فتأمل جیّداً. هذا فیما لم یقم على المنع عن العمل به بخصوصه دلیل.
وأما ما قام الدلیل على المنع عنه کذلک کالقیاس ، فلا یکاد یکون به جبر أو وهن أو ترجیح ، فیما لا یکون لغیره أیضاً ، وکذا فیما یکون به أحدهما ، لوضوح أن الظن القیاسی إذا کان على خلاف ما لولاه لکان حجة ـ بعد المنع عنه ـ لا یوجب خروجه عن تحت دلیل حجیته (4) ، وإذا کان على وفق ما لولاه لما کان حجة لا یوجب دخوله تحت دلیل الحجیة ، وهکذا لا یوجب ترجیح أحد المتعارضین ، وذلک لدلالة دلیل المنع على إلغائه الشارع رأساً ، وعدم جواز استعماله فی الشرعیات قطعاً ، ودخله فی واحد منها نحو استعمال له فیها ، کما لا یخفى ، فتأمل جیداً.
__________________
1 ـ فرائد الأصول / 187 ، حیث قال الثالث : ما یظهر من بعضٍ الإخبار ... إلخ.
2 ـ فی « ب » : على ما یأتی تفصیله.
3 ـ فی « أ » : التراجیح.
4 ـ فی « ب » : الحجیة.
 
 
 
 

 
 
المقصد السابع : فی الأصول العملیة
وهی التی ینتهی إلیها المجتهد بعد الفحص والیأس عن الظفر بدلیل ، مما دلّ علیه حکم العقل أو عموم النقل ، والمهم منها أربعة ، فإن مثل قاعدة الطهارة فیما اشتبه طهارته بالشبهة الحکمیة (1) ، وأنّ کان مما ینتهی إلیه فیما لا حجة على طهارته ولا على نجاسته ، إلّا أن البحث عنها لیس بمهم ، حیث إنّها ثابتة بلا کلام ، من دون حاجة إلى نقض وإبرام ، بخلاف الأربعة ، وهی : البراءة والاحتیاط ، والتخییر والاستصحاب : فإنّها محلّ الخلاف بین الأصحاب ، ویحتاج تنقیح مجاریها وتوضیح ما هو حکم العقل أو مقتضى عموم النقل فیها إلى مزید بحث وبیان ومؤونة حجة وبرهان ، هذا مع جریإنّها فی کلّ الابواب ، واختصاص تلک القاعدة ببعضها ، فافهم.
__________________
1 ـ لا یقال : إن قاعدة الطهارة مطلقاً ، تکون قاعدة فی الشبهة الموضوعیة ، فإن الطهارة والنجاسة من الموضوعاًت الخارجیة التی یکشف عنها الشرع.
فإنّه یقال : أولاً : نمنع ذلک ، بل إنّهما من الأحکام الوضعیة الشرعیة ، ولذا اختلفتا فی الشرائع بحسب المصالح الموجبة لشرعهما ، کما لا یخفى.
وثانیاً : إنّهما لو کانتا کذلک ، فالشبهة فیهما فیما کان الاشتباه لعدم الدلیل على أحدهما کانت حکمیة ، فإنّه لا مرجع لرفعها إلّا الشارع ، وما کانت کذلک لیست إلّا حکمیة منه ( 1 ).
 
 
فصل
لو شک فی وجوب (1) شیء أو حرمته ، ولم تنهض علیه حجة جاز شرعاً وعقلاً ترک الأوّل وفعل الثّانی ، وکان مأموناً من عقوبة مخالفته ، کان عدم نهوض الحجة لأجل فقدان النص أو إجماله ، واحتماله الکراهة أو الاستحباب ، أو تعارضه فیما لم یثبت بینهما ترجیح ، بناءً على التوقف فی مسألة تعارض النصین فیما لم یکن ترجیح فی البین.
وأما بناءً على التخییر ـ کما هو المشهور ـ فلا مجال لأصالة البراءة وغیرها ، لمکان وجود الحجة المعتبرة ، وهو أحد النصین فیها ، کما لا یخفى ، وقد استدل على ذلک بالأدلة الأربعة :
__________________
1 ـ لا یخفى أن جمع الوجوب والحرمة فی فصل ، وعدم عقد فصل لکلّ منهما على حدة ، وکذا جمع فقد النص وإجماله فی عنوان عدم الحجة ، إنّما هو لأجل عدم الحاجة إلى ذلک ، بعد الاتحاد فیما هو الملاک ، وما هو العمدة من الدلیل على المهمّ ، واختصاص بعضٍ شقوق المسألة بدلیل أو بقول ، لا یوجب تخصیصه بعنوان على حدة.
وأما ما تعارض فیه النصان فهو خارج عن موارد الأصول العملیة المقررة للشاک على التحقیق فیه من الترجیح أو التخییر ، کما إنّه داخل فیما لا حجة فیه ـ بناءً على سقوط النصین عن الحجیة ـ وأما الشبهة الموضوعیة فلا مساس لها بالمسائل الأصولیة ، بل فقهیة ، فلا وجه لبیان حکمها فی الأصول إلّا استطراداً فلا تغفل ، منه ( 1 ).  

 
أما الکتاب : فبآیات أظهرها قوله تعالى : (وَمَا کُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا) (1).
وفیه : إن نفی التعذیب قبل إتمام الحجة ببعث الرسل لعله کان منة منه تعالى على عباده ، مع استحقاقهم لذلک ، ولو سلّم اعتراف الخصم بالملازمة بین الاستحقاق والفعلیة ، لما صحّ الاستدلال بها إلّا جدلاً ، مع وضوح منعه ، ضرورة أن ما شک فی وجوبه أو حرمته لیس عنده بأعظم مما علم بحکمه ، ولیس حال الوعید بالعذاب فیه إلّا کالوعید به فیه ، فافهم.
وأما السنة : فبروایات (2) منها : حدیث الرفع (3) ، حیث عدّ ( ما لا یعلمون ) من التسعة المرفوعة فیه ، فالإلزام المجهول ممّا لا یعلمون ، فهو مرفوع فعلاً وأنّ کان ثابتاً واقعاً ، فلا مؤاخذة علیه قطعاً.
لا یقال : لیست المؤاخذة من الآثار الشرعیة ، کی ترتفع بارتفاع التکلیف المجهول ظاهراً ، فلا دلالة له على ارتفاعها (4).
فإنّه یقال : إنّها وأنّ لم تکن بنفسها أثراً شرعیاً ، إلّا إنّها مما یترتب علیه بتوسیط ما هو أثره وباقتضائه ، من إیجاب الاحتیاط شرعاً ، فالدلیل على رفعه دلیل على عدم إیجابه المستتبع لعدم استحقاقه العقوبة على مخالفته.
لا یقال : لا یکاد یکون إیجابه مستتبعاً لاستحقاقها على مخالفة التکلیف
__________________
1 ـ الاسراء : 15.
2 ـ فی « ب » : فروایات.
3 ـ الکافی / 2 کتاب الایمان والکفر ، باب ما رفع عن الأمة ، الحدیث 2 ، الفقیه 1 / 36 ، الباب 14 ، الحدیث 4 ، والخصال 2 / 417 ، باب التسعة.
4 ـ مع أن ارتفاعها وعدم استحقاقها بمخالفة التکلیف المجهول هو المهمّ فی المقام ، والتحقیق فی الجواب أن یقال ـ مضافاً إلى ما قلناه ـ أن الاستحقاق وأنّ کان أثراً عقلّیاً ، إلّا أن عدم الاستحقاق عقلاً ، مترتب على عدم التکلیف شرعاً ولو ظاهراً ، تأمل تعرف ، منه ( 1 ).  

 
المجهول ، بل على مخالفة (1) نفسه ، کما هو قضیة إیجاب غیره.
فإنّه یقال : هذا إذا لم یکن إیجابه طریقیاً ، وإلاّ فهو موجب لاستحقاق العقوبة على المجهول ، کما هو الحال فی غیره من الإِیجاب والتحریم الطریقیین ، ضرورة إنّه کما یصحّ أن یحتج بهما صحّ أن یحتج به ، ویقال لم أقدمت مع إیجابه؟ ویخرج به عن العقاب بلا بیان والمؤاخذة بلا برهان ، کما یخرج بهما.
وقد انقدح بذلک ، أن رفع التکلیف المجهول کان منّة على الأمة ، حیث کان له تعالى وضعه بما هو قضیته (2) من إیجاب الاحتیاط ، فرفعه ، فافهم.
ثم لا یخفى (3) عدم الحاجة إلى تقدیر المؤاخذة ولا غیرها من الآثار الشرعیة فی ( ما لا یعلمون ) ، فإن ما لا یعلم من التکلیف مطلقاً کان فی الشبهة الحکمیة أو الموضوعیة بنفسه قابل للرفع والوضع شرعاً ، وأنّ کان فی غیره لابد من تقدیر الآثار أو المجاز فی إسناد الرفع إلیه ، فإنّه لیس ما اضطروا وما استکرهوا ... إلى آخر التسعة بمرفوع حقیقة. نعم لو کان المراد من الموصول فی ( ما لا یعلمون ) ما اشتبه حاله ولم یعلم عنوإنّه ، لکان أحد الأمرین مما لا بدّ منه أیضاً.
ثم لا وجه (4) لتقدیر خصوص المؤاخذة بعد وضوح أن المقدر فی غیر واحد غیرها ، فلا محیص عن أن یکون المقدر هو الأثر الظاهر فی کلّ منها ، أو تمام آثارها التی تقتضی المنة رفعها ، کما أن ما یکون بلحاظه الإِسناد إلیها مجازاً ، هو هذا ، کما لا یخفى. فالخبر دلّ على رفع کلّ أثر تکلیفی أو وضعی کان فی
__________________
1 ـ فی « ب » : مخالفته.
2 ـ فی « ب » : قضیة.
3 ـ خلافاً لما أفاده الشیخ ، فرائد الأصول / 195.
4 ـ المصدر السابق. 
 
رفعه منة على الأمة ، کما استشهد الامام 7 بمثل (1) هذا الخبر فی رفع ما استکره علیه من الطلاق والصدقة والعتاق.
ثم لا یذهب علیک أن المرفوع فیما اضطر إلیه وغیره ، مما أخذ بعنوإنّه الثانوی ، إنّما هو الآثار المترتبة علیه بعنوإنّه الأولی ، ضرورة أن الظاهر أن هذه العناوین صارت موجبة للرفع ، والموضوع للاثر مستدعٍ لوضعه ، فکیف یکون موجباً لرفعه؟
لا یقال کیف؟ وإیجاب الاحتیاط فیما لا یعلم وإیجاب التحفظ فی الخطأ والنسیان ، یکون أثراً لهذه العناوین بعینها وباقتضاء نفسها.
فإنّه یقال : بل إنّما تکون باقتضاء الواقع فی موردها ، ضرورة أن الاهتمام به یوجب إیجابهما ، لئلا یفوت على المکلف ، کما لا یخفى.
ومنها : حدیث الحجب (2) ، وقد انقدح تقریب الاستدلال به مما ذکرنا فی حدیث الرفع ، إلّا إنّه ربما یشکل (3) بمنع ظهوره فی وضع ما لا یعلم من التکلیف ، بدعوى ظهوره فی خصوص ما تعلقت عنایته تعالى بمنع اطلاع العباد علیه ، لعدم أمر رسله بتبلیغه ، حیث إنّه بدونه لما صحّ إسناد الحجب إلیه تعالى.
ومنها : قوله 7 (4) ( کلّ شیء لک حلال حتى تعرف إنّه حرام بعینه ) الحدیث ، حیث دلّ على حلّیة ما لم یعلم حرمته مطلقاً ، ولو کان من جهة عدم الدلیل على حرمته ؛ وبعدم الفصل قطعاً بین إباحته وعدم وجوب الاحتیاط فیه وبین عدم وجوب الاحتیاط فی الشبهة الوجوبیة ، یتم المطلوب.
__________________
1 ـ المحاسن 2 / 339 ، الحدیث 124.
2 ـ التوحید للصدوق (ره) 413 ، باب التعریف والبیان والحجة ، الحدیث 9. والوسائل 18 / 12 ، باب 12 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 28.
3 ـ أورده الشیخ (ره) على الاستدلال بهذا الحدیث ، فرائد الأصول / 199.
4 ـ قریب من هذا المضمون روایات ، الوسائل : 12 / 59 ، باب 4 من أبواب ما یکتسب به الحدیثان 1 و 4 والوسائل : 17 / 90 ، باب 61 من الأطعمة المباحة ، الأحادیث ، 1 و 2 و 7. 
 
مع إمکان أن یقال : ترک ما احتمل وجوبه مما لم یعرف حرمته ، فهو حلال ، تأمل.
ومنها : قوله 7 (1) ( الناس فی سعة ما لا یعلمون ) فهم فی سعة ما لم یعلم ، أو ما دام لم یعلم وجوبه أو حرمته ، ومن الواضح إنّه لو کان الاحتیاط واجباً لما کانوا فی سعة أصلاً ، فیعارض به ما دلّ على وجوبه ، کما لا یخفى.
لا یقال : قد علم به وجوب الاحتیاط.
فإنّه یقال : لم یعلم الوجوب أو الحرمة بعد ، فکیف یقع فی ضیق الاحتیاط من أجله؟ نعم لو کان الاحتیاط واجباً نفسیاً کان وقوعهم فی ضیقه بعد العلم بوجوبه ، لکنه عرفت أن وجوبه کان طریقیاً ، لأجل أن لا یقعوا فی مخالفة الواجب أو الحرام أحیاناً ، فافهم.
ومنها : قوله 7 (2) ( کلّ شیء مطلق حتى یرد فیه نهی ) ودلالته یتوقف على عدم صدق الورود إلّا بعد العلم أو ما بحکمه ، بالنهی عنه وأنّ صدر عن الشارع ووصل إلى غیر واحد ، مع إنّه ممنوع لوضوح صدقه على صدوره عنه سیما بعد بلوغه إلى غیر واحد ، وقد خفی على من لم یعلم بصدوره.
لا یقال : نعم ، ولکن بضمیمة أصالة العدم صحّ الاستدلال به وتم.
فإنّه یقال : وأنّ تم الاستدلال به بضمیمتها ، ویحکم بإباحة مجهول الحرمة وإطلاقه ، إلّا إنّه لا بعنوان إنّه مجهول الحرمة شرعاً ، بل بعنوان إنّه مما لم یرد عنه النهی واقعاً.
لا یقال : نعم ، ولکنه لا یتفاوت فیما هو المهمّ من الحکم بالإباحة فی مجهول الحرمة ، کان بهذا العنوان أو بذاک العنوان.
__________________
1 ـ الوسائل : 2 / 1073 ، باب 5 من أبواب النجاسات ، الحدیث 11 بتفاوت یسیر فی العبارة.
2 ـ الوسائل : 18 / 127 ، باب 12 من أبواب صفات القاضی ، الحدیث 60. 
 
فإنّه یقال : حیث إنّه بذاک العنوان لاختص بما لم یعلم ورود النهی عنه أصلاً ، ولا یکاد یعم ما إذا ورد النهی عنه فی زمان ، وإباحته (1) فی آخر ، واشتبها من حیث التقدم والتأخر.
لا یقال : هذا لولا عدم الفصل بین أفراد ما اشتبهت حرمته.
فإنّه یقال : وأنّ لم یکن بینها الفصل ، إلّا إنّه إنّما یجدی فیما کان المثبت للحکم بالإباحة فی بعضها الدلیل ، لا الأصل ، فافهم.
وأما الإجماع : فقد نقل (2) على البراءة ، إلّا إنّه موهون ، ولو قیل باعتبار الإجماع المنقولة فی الجملة ، فإن تحصیله فی مثل هذه المسألة مما للعقل إلیه سبیل ، ومن واضح النقل علیه دلیل ، بعید جدّاً.
وأما العقل : فإنّه قد استقل بقبح العقوبة والمؤاخذة على مخالفة التکلیف المجهول ، بعد الفحص والیأس عن الظفر بما کان حجة علیه ، فإنّهما بدونهما عقاب بلا بیان ومؤاخذة بلا برهان ، وهما قبیحان بشهادة الوجدان.
ولا یخفى إنّه مع استقلاله بذلک ، لا احتمال لضرر العقوبة فی مخالفته ، فلا یکون مجال ها هنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، کی یتوهم إنّها تکون بیاناً ، کما إنّه مع احتماله لا حاجة إلى القاعدة ، بل فی صورة المصادفة استحق العقوبة على المخالفة ولو قیل بعدم وجوب دفع الضرر المحتمل.
وأما ضرر غیر العقوبة ، فهو وأنّ کان محتملاً ، إلّا أن المتیقن منه فضلاً عن محتمله لیس بواجب الدفع شرعاً ولا عقلاً ، ضرورة عدم القبح فی تحمّل بعضٍ المضار ببعض الدواعی عقلاً وجوازه شرعاً ، مع أن احتمال الحرمة أو الوجوب لا
__________________
1 ـ فی « ب » : إباحة.
2 ـ راجع الوجه الثّانی من وجوه التقریر الثّانی للاجماع على حجیة البراءة فی کلام الشیخ ( قده ) فرائد الأصول / 202.  

 
یلازم احتمال المضرة ، وأنّ کان ملازماً لاحتمال المفسدة أو ترک المصلحة ، لوضوح أن المصالح والمفاسد التی تکون مناطات الأحکام ـ وقد استقل العقل بحسن الأفعال التی تکون ذات المصالح وقبح ماکان ذات المفاسد ـ لیست براجعة إلى المنافع والمضار ، وکثیراً ما یکون محتمل التکلیف مأمون الضرر ، نعم ربما تکون المنفعة أو المضرة مناطاً للحکم شرعاً وعقلاً.
إن قلت : نعم ، ولکن العقل یستقل بقبح الإقدام على ما لا تؤمن مفسدته ، وإنّه کالإقدام على ما علم مفسدته ، کما استدل به شیخ الطائفة (1) 1 ، على أن الاشیاء على الحظر أو الوقف.
قلت : استقلاله بذلک ممنوع ، والسند شهادة الوجدان ومراجعة دیدن العقلاء من أهل الملل والادیان ، حیث إنّهم لا یحترزون مما لا تؤمن مفسدته ، ولا یعاملون معه معاملة ما علم مفسدته ، کیف؟ وقد أذن الشارع بالإقدام علیه ، ولا یکاد یأذن بارتکاب القبیح ، فتأمل.
واحتج للقول بوجوب الاحتیاط فیما لم تقم فیه حجة ، بالادلة الثلاثة :
أما الکتاب : فبالآیات الناهیة عن القول بغیر العلم (2) ، وعن الإلقاء فی التهلکة (3) ، والأمرة بالتقوى (4).
والجواب : إن القول بالإباحة شرعاً وبالأمن من العقوبة عقلاً ، لیس قولاً بغیر علم ، لما دلّ على الإِباحة من النقل وعلى البراءة من حکم العقل ، ومعهما لا مهلکة فی اقتحام الشبهة أصلاً ، ولا فیه مخالفة التقوى ، کما لا یخفى.
__________________
1 ـ عدة الأصول 2 / 117 ولکن المتراءى منه غیر هذا.
2 ـ الأعراف : 33 ، الاسراء : 36 ، النور : 15.
3 ـ البقرة : 195.
4 ـ البقرة : 102 ، التغابن : 16. 
 
وأما الأخبار : فبما (1) دلّ على وجوب التوقف عند الشبهة ، معللاً فی بعضها بأن الوقوف عند الشبهة خیر من الاقتحام فی المهلکة ، من الأخبار الکثیرة الدّالة علیه مطابقة أو إلتزاماً ، وبما (2) دلّ على وجوب الاحتیاط من الأخبار الواردة بألسنة مختلفة.
والجواب : إنّه لا مهلکة فی الشبهة البدویة ، مع دلالة النقل على [ الإِباحة ] (3) وحکم العقل بالبراءة کما عرفت.
وما دلّ على وجوب الاحتیاط لو سلّم ، وأنّ کان وارداً على حکم العقل ، فإنّه کفى بیاناً على العقوبة على مخالفة التکلیف المجهول.
ولا یصغى إلى ما قیل (4) : من أن إیجاب الاحتیاط إن کان مقدّمة للتحرز عن عقاب الواقع المجهول فهو قبیح ، وأنّ کان نفسیاً فالعقاب على مخالفته لا على مخالفة الواقع ؛ وذلک لما عرفت من أن إیجابه یکون طریقیّاً ، وهو عقلاً مما یصحّ أن یحتج به على المؤاخذة فی مخالفة الشبهة ، کما هو الحال فی أوامر الطرق والأمارات و الأصول العملیة.
إلا إنّها تعارض بما هو أخص أو (5) وأظهر ؛ ضرورة أن ما دلّ على حلّیّة المشتبه أخص ، بل هو فی الدلالة على الحلّیة نص ، وما دلّ على الاحتیاط غایته إنّه ظاهر فی وجوب الاحتیاط ، مع أن هناک قرائن دالّة على إنّه للإِرشاد ، فیختلف إیجاباً واستحباباً حسب اختلاف ما یرشد إلیه.
__________________
1 ـ الوسائل : 18 / 75 الباب 9 من أبواب صفات القاضی / الحدیث 1 ـ الوسائل 14 / 193 ، الباب 157 من أبواب مقدمات النکاح الحدیث 2.
الوسائل : 18 / 111 الباب 12 من أبواب صفات القاضی / أحادیث : 3 ، 4 ، 10 ، 31 ، 35.
2 ـ الوسائل : 18 / 111 الباب 12 من أبواب صفات القاضی / أحادیث : 1 ، 37 ، 41 ، 54.
3 ـ أثبتناها من « ب ».
4 ـ القائل هو الشیخ الاعظم ، فرائد الأصول / 208.
5 ـ فی « أ » : و.

 
ویؤیده إنّه لو لم یکن للإِرشاد یوجب (1) تخصیصه لا محالة ببعض الشبهات إجماعاً ، مع إنّه آبٍ عن التخصیص قطعاً ، کیف لا یکون قوله : ( قف عند الشبهة فإن الوقوف عند الشبهة خیر من الاقتحام فی الهلکة ) للإِرشاد؟ مع أن المهلکة ظاهرة فی العقوبة ، ولا عقوبة فی الشبهة البدویة قبل إیجاب الوقوف والاحتیاط ، فکیف یعلل إیجابه بإنّه خیر من الاقتحام فی الهلکة؟
لا یقال : نعم ، ولکنه یستکشف منه (2) على نحو الإنّ إیجاب الاحتیاط من قبل ، لیصحّ به العقوبة على المخالفة.
فإنّه یقال : إن مجرد إیجابه واقعاً ما لم یعلم لا یصحح العقوبة ، ولا یخرجها عن إنّها بلا بیان ولا برهان ، فلا محیص عن اختصاص مثله بما یتنجز فیه المشتبه لو کان کالشبهة قبل الفحص مطلقاً ، أو الشبهة المقرونة بالعلم الإِجمالی ، فتأمل جیداً.
وأما العقل : فلاستقلاله بلزوم فعل ما احتمل وجوبه وترک ما احتمل حرمته ، حیث علم إجمالاً بوجود واجبات ومحرمات کثیرة فیما اشتبه وجوبه أو حرمته ، مما لم یکن هناک حجة على حکمه ، تفریغاً للذمة بعد اشتغالها ، ولا خلاف فی لزوم الاحتیاط فی أطراف العلم الإِجمالی إلّا من بعضٍ الأصحّاب.
والجواب : إن العقل وأنّ استقل بذلک ، إلّا إنّه إذا لم ینحل العلم الإِجمالی إلى علم تفصیلی وشکّ بدوی ، وقد انحل هاهنا ، فإنّه کما علم بوجود تکالیف إجمالاً ، کذلک علم إجمالاً بثبوت طرق وأُصول معتبرة مثبتة لتکالیف بمقدار تلک التکالیف المعلومة أو أزید ، وحینئذ لا علم بتکالیف أخر غیر التکالیف الفعلیة فی موارد (3) المثبتة من الطرق و الأصول العملیة.
__________________
1 ـ فی « ب » : یوجب.  2 ـ فی « ب » : عنه.
3 ـ فی « أ » : الموارد.
 
إن قلت : نعم ، لکنه إذا لم یکن العلم بها مسبوقاً بالعلم بالتکالیف (1).
قلت : إنّما یضر السبق إذا کان المعلوم اللاحق حادثاً ، وأما إذا لم یکن کذلک بل مما ینطبق علیه ما علم أولاً ، فلا محالة قد انحل العلم الإِجمالی إلى التفصیلی والشک البدوی.
إن قلت : إنّما یوجب العلم بقیام الطرق المثبتة له بمقدار المعلوم بالإِجمال ذلک إذا کان قضیة قیام الطریق على تکلیف موجباً لثبوته فعلاً ، وأما بناءً على أن قضیة حجیته واعتباره شرعاً لیس إلّا ترتیب ما للطریق المعتبر عقلاً ، وهو تنجز ما أصابه والعذر عما أخطأ عنه ، فلا انحلال لما علم بالإِجمال أولاً ، کما لا یخفى.
قلت : قضیة الاعتبار شرعاً ـ على اختلاف ألسنة أدلته ـ وأنّ کان ذلک على ما قوینا فی البحث ، إلّا أن نهوض الحجة على ما ینطبق علیه المعلوم بالإِجمال فی بعضٍ الأطراف یکون عقلاً بحکم الانحلال ، وصرف تنجزه إلى ما إذا کان فی ذاک الطرف ، والعذر عما إذا کان فی سائر الأطراف ، مثلاً إذا علم إجمالاً بحرمة إناء زید بین الإِناءین وقامت البینة على أن هذا إناؤه ، فلا ینبغی الشک فی إنّه کما إذا علم إنّه إناؤه فی عدم لزوم الاجتناب إلّا عن خصوصه دون الآخر ، ولولا ذلک لما کان یجدی القول بأن قضیة اعتبارٍ الأمارات هو کون المؤدیات أحکاماً شرعیة فعلیة ، ضرورة إنّها تکون کذلک بسبب حادث ، وهو کونها مؤدیات الأمارات الشرعیة.
هذا إذا لم یعلم بثبوت التکالیف الواقعیة فی موارد الطرق المثبتة بمقدار المعلوم بالإِجمال ، وإلاّ فالانحلال إلى العلم بما فی الموارد وانحصار أطرافه بموارد تلک الطرق بلا إشکال. کما لا یخفى.
وربما استدل بما قیل (2) : من استقلال العقل بالحظر فی الأفعال الغیر الضروریة قبل الشرع ، ولا أقل من الوقف وعدم استقلاله ، لا به ولا بالإباحة ،
__________________
1 ـ فی « أ » : بالواجبات.
2 ـ قرر الشیخ ( قده ) هذا الوجه العقلی بقوله : « الوجه الثّانی » ، فرائد الأُصول / 214.  

 
ولم یثبت شرعاً إباحة ما اشتبه حرمته ، فإن ما دلّ على الإِباحة معارض بما دلّ على وجوب التوقف أو الاحتیاط.
وفیه أولاً : إنّه لا وجه للاستدلال بما هو محلّ الخلاف والاشکال ، وإلاّ لصحّ الاستدلال على البراءة بما قیل من کون تلک الأفعال على الإِباحة.
وثانیاً : إنّه ثبت الإِباحة شرعاً ، لما عرفت من عدم صلاحیة ما دلّ على التوقف أو الاحتیاط ، للمعارضة لما دلّ علیها.
وثالثاً : إنّه لا یستلزم القول بالوقف فی تلک المسألة ، للقول بالاحتیاط فی هذه المسألة ، لاحتمال أن یقال معه بالبراءة لقاعدة قبح العقاب بلا بیان ، وما قیل (1) ـ من أن الإقدام على ما لا یؤمن المفسدة فیه کالإقدام على ما یعلم فیه المفسدة ـ ممنوع ، ولو قیل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فإن المفسدة المحتملة فی المشتبه لیس بضرر غالباً ، ضرورة أن المصالح والمفاسد التی هی مناطات الأحکام لیست براجعة إلى المنافع والمضار ، بل ربما یکون المصلحة فیما فیه الضرر ، والمفسدة فیما فیه المنفعة ، واحتمال أن یکون فی المشتبه ضرر ضعیف غالباً لا یعتنى به قطعاً مع أن الضرر لیس دائماً مما یجب التحرز عنه عقلاً ، بل یجب ارتکابه أحیاناً فیما کان المترتب علیه أهم فی نظره مما فی الاحتراز عن ضرره ، مع القطع به فضلاً عن احتماله.
بقی أمور مهمة لا بأس بالإشارة إلیها :
الأول : إنّه إنّما تجری أصالة البراءة شرعاً وعقلاً فیما لم یکن هناک أصل موضوعی مطلقاً ولو کان موافقاً لها ، فإنّه معه لا مجال لها أصلاً ، لوروده علیها کما یأتی تحقیقه (2) فلا تجری مثلاً أصالة الإِباحة فی حیوان شک فی حلیته مع الشک فی
__________________
1 ـ القائل هو شیخ الطائفة ، عدة الأصول / 117.
2 ـ یأتی تحقیق الورود فی خاتمة الاستصحاب ـ ص 430. 
 
قبوله التذکیة ، فإنّه إذا ذبح مع سائر الشرائط المعتبرة فی التذکیة ، فأصالة عدم التذکیة تدرجه (1) فیما لم یذک وهو حرام إجماعاً ، کما إذا مات حتف أنفه ، فلا حاجة إلى إثبات أن المیتة تعم غیر المذکى شرعاً ، ضرورة کفایة کونه مثله حکماً ، وذلک بأن التذکیة إنّما هی عبارة عن فری الأوداج [ الأربعة ] (2) مع سائر شرائطها ، عن خصوصیة فی الحیوان التی بها یؤثر فیه الطهارة وحدها أو مع الحلیّة ، ومع الشک فی تلک الخصوصیة فالأصل عدم تحقق التذکیة بمجرد الفری بسائر شرائطها ، کما لا یخفى.
نعم لو علم بقبوله التذکیة وشک فی الحلّیة ، فأصالة الإِباحة فیه محکمة ، فإنّه حینئذ إنّما یشک فی أن هذا الحیوان المذکّى حلال أو حرام ، ولا أصل فیه إلّا أصالة الإِباحة ، کسائر ما شک فی إنّه من الحلال أو الحرام.
هذا إذا لم یکن هناک أصل موضوعی آخر مثبت لقبوله التذکیة ، کما إذا شک ـ مثلاً ـ فی أن الجلل فی الحیوان هل یوجب ارتفاع قابلیته لها ، أم لا؟ فأصالة قبوله لها معه محکمة ، ومعها لا مجال لأصالة عدم تحققها ، فهو قبل الجلل کان یطهر ویحل بالفری بسائر شرائطها ، فالأصل إنّه کذلک بعده.
ومما ذکرنا ظهر الحال فیما اشتبهت حلیته وحرمته بالشبهة الموضوعیة من الحیوان ، وأنّ أصالة عدم التذکیة محکمة فیما شک فیها لأجل الشک فی تحقق ما اعتبر فی التذکیة شرعاً ، کما أن أصالة قبول التذکیة محکمة إذا شک فی طروء ما یمنع عنه ، فیحکم بها فیما أحرز الفری بسائر شرائطها عداه ، کما لا یخفى ، فتأمل جیّداً.
الثانی : إنّه لا شبهة فی حسن الاحتیاط شرعاً وعقلاً فی الشبهة الوجوبیة أو (3) التحریمیة فی العبادات وغیرها ، کما لا ینبغی الارتیاب فی استحقاق الثواب فیما
__________________
1 ـ فی « أ » : تدرجها.
2 ـ أثبتناها من « ب ».
3 ـ فی « أ » : و. 
 
إذا احتاط وأتى أو ترک بداعی احتمال الأمر أو النهی.
وربما یشکل (1) فی جریان الاحتیاط فی العبادات عند دوران الأمر بین الوجوب وغیر الاستحباب ، من جهة أن العبادة لابد فیها من نیة القربة المتوقفة على العلم بأمر الشارع تفصیلاً أو إجمالاً.
وحسن الاحتیاط عقلاً لا یکاد یجدی فی رفع الإِشکال ، ولو قیل بکونه موجباً لتعلق الأمر به شرعاً ، بداهة توقفه على ثبوته توقف العارض على معروضه ، فکیف یعقل أن یکون من مبادىء ثبوته؟
وانقدح بذلک إنّه لا یکاد یجدی فی رفعه أیضاً القول بتعلق الأمر به من جهة ترتب الثواب علیه ، ضرورة إنّه فرع إمکانه ، فکیف یکون من مبادىء جریإنّه؟
هذا مع أن حسن الاحتیاط لا یکون بکاشف عن تعلق الأمر به بنحو اللّم ، ولا ترتب الثواب علیه بکاشف عنه بنحو الإنّ ، بل یکون حاله فی ذلک حال الإطاعة ، بإنّه نحو من الانقیاد والطاعة.
وما قیل (2) فی دفعه : من کون المراد بالاحتیاط فی العبادات هو مجرد الفعل المطابق للعبادة من جمیع الجهات عدا نیة القربة.
فیه : مضافاً إلى عدم مساعدة دلیل حینئذ على حسنه بهذا المعنى فیها ، بداهة إنّه لیس باحتیاط حقیقة ، بل هو أمر لو دلّ علیه دلیل کان مطلوباً مولویاً نفسیاً عبادیاً ، والعقل لا یستقل إلّا بحسن الاحتیاط ، والنقل لا یکاد یرشد إلّا إلیه.
نعم ، لو کان هناک دلیل على الترغیب فی الاحتیاط فی خصوص العبادة ، لما
__________________
1 ـ ذکر الشیخ هذا الإِشکال فی التنبیه الثّانی من مسألة دوران الحکم بین الوجوب وغیر الحرمة من جهة عدم النص ، فرائد الأصول / 228.
2 ـ ذکره الشیخ فی التنبیه الثّانی من مسألة دوران الحکم بین الوجوب وغیر الحرمة ، فرائد الأصول / 229.
 
کان محیص عن دلالته اقتضاءً على أن المراد به ذاک المعنى ، بناءً على عدم إمکانه فیها بمعناه حقیقة ، کما لا یخفى إنّه التزام بالاشکال وعدم جریإنّه فیها ، وهو کما ترى.
قلت : لا یخفى أن منشأ الإِشکال هو تخیل کون القربة المعتبرة فی العبادة مثل سائر الشروط المعتبرة فیها ، مما یتعلق بها الأمر المتعلق بها ، فیشکل جریإنّه حینئذ ، لعدم التمکن من قصد القربة المعتبر فیها (1) ، وقد عرفت (2) إنّه فاسد (3) ، وإنما اعتبر قصد القربة فیها عقلاً لأجل أن الغرض منها لا یکاد یحصل بدونه.
وعلیه کان جریان الاحتیاط فیه بمکان من الإِمکان ، ضرورة التمکن من الإِتیان بما احتمل وجوبه بتمامه وکماله ، غایة الأمر إنّه لابد أن یؤتى به على نحو لو کان مأموراً به لکان مقرباً ، بأن یؤتى به بداعی احتمال الأمر أو احتمال کونه محبوباً له تعالى ، فیقع حینئذ على تقدیر الأمر به امتثالاً لامره تعالى ، وعلى تقدیر عدمه انقیاداً لجنابه تبارک وتعالى ، ویستحق الثواب على کلّ حال امّا على الطاعة أو الانقیاد.
وقد انقدح بذلک إنّه لا حاجة فی جریإنّه فی العبادات إلى تعلق أمر بها (4) ،
__________________
1 ـ هکذا صححه فی « ب » ، وفی « أ » : لعدم التمکن من إتیان جمیع ما اعتبر فیها ... إلخ.
2 ـ راجع ص 72 فی المقدّمة الثانیة من مبحث التعبدی والتوصلی.
3 ـ هذا مع إنّه لو أغمض عن فساده ، لما کان فی الاحتیاط فی العبادات إشکال غیر الإِشکال فیها ، فکما یلتزم فی دفعه بتعدد الأمر فیها ، لیتعلق أحدهما بنفس الفعل والآخر بإتیإنّه بداعی أمره ، کذلک فیما احتمل وجوبه منها ، کان على هذا احتمال أمرین کذلک ، أیّ أحدهما کان متعلقاً بنفسه والآخر بإتیإنّه بداعی ذاک الأمر ، فیتمکن من الاحتیاط فیها بإتیان ما احتمل وجوبه بداعی رجاء أمره واحتماله ، فیقع عبادة وإطاعة لو کان واجباً ، وانقیاداً لو لم یکن کذلک.
نعم کان بین الاحتیاط ها هنا وفی التوصلیات فرق ، وهو أن المأتیّ به فیها قطعاً کان موافقاً لما احتمل وجوبه مطلقاً ، بخلافه هاهنا ، فإنّه لا یوافق إلّا على تقدیر وجوبه واقعاً ؛ لما عرفت من عدم کونه عبادة إلّا على هذا التقدیر ، ولکنه لیس بفارق لکونه عبادة على تقدیر الحاجة إلیه ، وکونه واجبا. ودعوى عدم کفایة الإِتیان برجاء الأمر فی صیرورته عبادة أصلاً ـ ولو على هذا التقدیر ـ مجازفة ، ضرورة استقلال العقل بکونه امتثالاً لامره على نحو العبادة لو کان ، وهو الحاکم فی باب الإطاعة والعصیان ، فتأمل جیداً منه ( 1 ).
4 ـ خلافاً لما یظهر من الشیخ فی بدایة کلامه ، فرائد الأصول / 228.
 
بل لو فرض تعلقه بها لما کان من الاحتیاط بشیء ، بل کسائر ما علم وجوبه أو استحبابه منها ، کما لا یخفى.
فظهر إنّه لو قیل (1) بدلالة أخبار (2) ( من بلغه ثواب ) على استحباب العمل الذی بلغ علیه الثواب ولو بخبر ضعیف ، لما کان یجدی فی جریإنّه فی خصوص ما دلّ على وجوبه أو استحبابه خبر ضعیف ، بل کان علیه مستحباً کسائر ما دلّ الدلیل على استحبابه.
لا یقال : هذا لو قیل بدلالتها على استحباب نفس العمل الذی بلغ علیه الثواب بعنوإنّه ، وأما لو دلّ على استحبابه لا بهذا العنوان ، بل بعنوان إنّه محتمل الثواب ، لکانت دالّة على استحباب الإِتیان به بعنوان الاحتیاط ، کأوامر الاحتیاط ، لو قیل بإنّها للطلب المولوی لا الارشادی.
فإنّه یقال : إن الأمر بعنوان الاحتیاط ولو کان مولویاً لکان توصلیاً ، مع إنّه لو کان عبادیاً لما کان مصححاً للاحتیاط ، ومجدیاً فی جریإنّه فی العبادات کما أشرنا إلیه آنفا.
ثم إنّه لا یبعد دلالة بعضٍ تلک الأخبار على استحباب ما بلغ علیه الثواب ، فإن صحیحة (3) هشام بن سالم المحکیة عن المحاسن ، عن أبی عبدالله 7 قال : ( من بلغه عن النبی 9 شیء من الثواب فعمله ، کان أجر ذلک له ، وأنّ کان رسول الله 9 لم یقله ) ظاهرة فی أن الاجر کان مترتباً على نفس العمل الذی بلغه عنه 9 ) إنّه ذو ثواب.
__________________
1 ـ هذا ردّ للشیخ فی التنبیه الثّانی من مسألة دوران الحکم بین الوجوب وغیره ، فرائد الأصول / 229.
2 ـ الوسائل : 1 / 59 ب 18 من أبواب مقدّمة العبادات ، أحادیث الباب.
3 ـ المحاسن / 25 ، وکتاب ثواب الأعمال الباب 1 ، الحدیث 2. 
 
وکون العمل متفرعاً على البلوغ ، وکونه الداعی إلى العمل غیر موجب (1) لأن یکون الثواب إنّما یکون مترتباً علیه ، فیما إذا أتى برجاء إنّه مأمور به وبعنوان الاحتیاط ، بداهة أن الداعی إلى العمل لا یوجب له وجهاً وعنواناً یؤتى به بذاک الوجه والعنوان. وإتیان (2) العمل بداعی طلب قول النبی 6 کما قید به فی بعض الأخبار ـ (3) ، وأنّ کان انقیاداً ، إلّا أن الثواب فی الصحیحة إنّما رتب على نفس العمل ، ولا موجب لتقییدها به ، لعدم المنافاة بینهما ، بل لو أتى به کذلک أو إلتماسا للثواب الموعود ، کما قید به فی بعضها الآخر (4) ، لاوتی الاجر والثواب على نفس العمل ، لا بما هو احتیاط وانقیاد ، فیکشف عن کونه بنفسه مطلوباً وإطاعة ، فیکون وزإنّه وزان ( من سرح لحیته ) (5) أو ( من صلّى أو صام فله کذا ) ولعله لذلک أفتى المشهور بالاستحباب ، فافهم وتأمل.
الثالث : إنّه لا یخفى أن النهی عن شیء ، إذا کان بمعنى طلب ترکه فی زمان أو مکان ، بحیث لو وجد فی ذاک الزمان أو المکان ولو دفعة لما امتثل أصلاً ، کان اللازم على المکلف إحراز إنّه ترکه بالمرة ولو بالأصل ، فلا یجوز الإِتیان بشیء یشک معه فی ترکه ، إلّا إذا کان مسبوقاً به لیستصحب مع الإِتیان به.
نعم ، لو کان بمعنى طلب ترکه کلّ فرد منه على حدة ، لما وجب إلّا ترک ما علم إنّه فرد ، وحیث لم یعلم تعلق النهی إلّا بما علم إنّه مصداقه ، فأصالة البراءة فی المصادیق المشتبهة محکمة.
فانقدح بذلک أن مجرد العلم بتحریم شیء لا یوجب لزوم الاجتناب عن أفراده المشتبهة ، فیما کان المطلوب بالنهی طلب ترک کلّ فرد على حدة ، أو کان
__________________
1 و 2 ـ تعریض بالشیخ فی أخبار من بلغ ، فرائد الأصول / 230.
3 ـ الوسائل : 1 / 60 ، الباب 18 من أبواب مقدّمة العبادات ، الحدیث 4.
4 ـ المصدر السابق ، الحدیث 7.
5 ـ الوسائل : 1 / 429 ، الباب 76 من أبواب آداب الحمام.  

 
الشئ مسبوقاً بالترک ، وإلاّ لوجب الاجتناب عنها عقلاً لتحصیل الفراغ قطعاً. فکما یجب فیما علم وجوب شیء إحراز إتیإنّه إطاعة لأمره ، فکذلک یجب فیما علم حرمته إحراز ترکه وعدم إتیإنّه امتثالاً لنهیه ، غایة الأمر کما یحرز وجود الواجب بالأصل ، کذلک یحرز ترک الحرام به ، والفرد المشتبه وأنّ کان مقتضى أصالة البراءة جواز الاقتحام فیه ، إلّا أن قضیة لزوم إحراز الترک اللازم وجوب التحرز عنه ، ولا یکاد یحرز إلّا بترک المشتبه أیضاً ، فتفطن.
الرابع : إنّه قد عرفت حسن الاحتیاط عقلاً ونقلاً ، ولا یخفى إنّه مطلقاً کذلک ، حتى فیما کان هناک حجة على عدم الوجوب أو الحرمة ، أو أمارة معتبرة على إنّه لیس فرداً للواجب أو الحرام ، ما لم یخل بالنظام فعلاً ، فالاحتیاط قبل ذلک مطلقاً یقع حسناً ، کان فی الأمور المهمة کالدماء والفروج أو غیرها ، وکان احتمال التکلیف قویاً أو ضعیفاً ، کانت الحجة على خلافه أو لا ، کما أن الاحتیاط الموجب لذلک لا یکون حسناً کذلک ، وأنّ کان الراجح لمن التفت إلى ذلک من أول الأمر ترجیح بعضٍ الاحتیاطات احتمالاً أو محتملاً ، فافهم. 
 
فصل
إذا دار الأمر بین وجوب شیء وحرمته ، لعدم نهوض حجة على أحدهما تفصیلاً بعد نهوضها علیه إجمالاً ، ففیه وجوه :
الحکم بالبراءة عقلاً ونقلاً لعموم النقل ، وحکم العقل بقبح المؤاخذة على خصوص الوجوب أو الحرمة للجهل به ، ووجوب الأخذ بأحدهما تعییناً أو تخییراً ، والتخییر بین الترک والفعل عقلاً ، مع التوقف عن الحکم به رأساً ، أو مع الحکم علیه بالإباحة شرعاً.
أوجهها الأخیر ؛ لعدم الترجیح بین الفعل والترک ، وشمول مثل ( کلّ شیء لک حلال حتى تعرف إنّه حرام ) له ، ولا مانع عنه عقلاً ولا نقلاً.
وقد عرفت إنّه لا یجب موافقة الأحکام إلتزاماً ، ولو وجب لکان الالتزام إجمالاً بما هو الواقع معه ممکناً ، والالتزام التفصیلی بأحدهما لو لم یکن تشریعاً محرماً لما نهض على وجوبه دلیل قطعاً. وقیاسه بتعارض الخبرین ـ الدالّ أحدهما على الحرمة والآخر على الوجوب ـ باطل ، فإن التخییر بینهما على تقدیر کون الأخبار حجة من باب السببیة یکون على القاعدة ، ومن جهة التخییر بین الواجبین المتزاحمین ، وعلى تقدیر إنّها من باب الطریقیة فإنّه وأنّ کان على خلاف القاعدة ، إلّا أن أحدهما ـ تعییناً أو تخییراً ـ حیث کان واجداً لما هو المناط للطریقیة من احتمال الإصابة مع  

 
اجتماع سائر الشرائط ، صار (1) حجة فی هذه الصورة بأدلة الترجیح تعییناً ، أو التخییر تخییراً ، وأین ذلک مما إذا لم یکن المطلوب إلّا الأخذ بخصوص ما صدر واقعاً؟ وهو حاصل ، والأخذ بخصوص أحدهما ربما لا یکون إلیه بموصل.
نعم ، لو کان التخییر بین الخبرین لأجل إبدائهما احتمال الوجوب والحرمة ، وإحداثهما التردید بینهما ، لکان القیاس فی محله ، لدلالة الدلیل على التخییر بینهما على التخییر ها هنا ، فتأمل جیّداً.
ولا مجال ـ ها هنا ـ لقاعدة قبح العقاب بلا بیان ، فإنّه لا قصور فیه ـ ها هنا ـ وإنما یکون عدم تنجز التکلیف لعدم التمکن من الموافقة القطعیة کمخالفتها ، والموافقة الاحتمالیة حاصلة لا محالة ، کما لا یخفى.
ثم إن مورد هذه الوجوه ، وأنّ کان ما [ إذا ] (2) لم یکن واحدٌ من الوجوب والحرمة على التعیین تعبدیاً ، إذ لو کانا تعبدیین أو کان أحدهما المعینّ کذلک ، لم یکن إشکال فی عدم جواز طرحهما والرجوع إلى الإِباحة ، لأنّها مخالفة عملیة قطعیة على ما أفاد شیخنا الأستاذ (3) 1 ، إلّا أن الحکم أیضاً فیهما إذا کانا کذلک هو التخییر عقلاً بین إتیإنّه على وجه قربی ، بأن یؤتى به بداعی احتمال طلبه ، وترکه کذلک ، لعدم الترجیح وقبحه بلا مرجح.
فانقدح إنّه لا وجه لتخصیص المورد بالتوصلیین بالنسبة إلى ما هو المهمّ فی المقام ، وأنّ اختصّ بعضٍ الوجوه بهما ، کما لا یخفى.
ولا یذهب علیک أن استقلال العقل بالتخییر إنّما هو فیما لا یحتمل الترجیح فی أحدهما على التعیین ، ومع احتماله لا یبعد دعوى استقلاله بتعیّنه کما هو الحال
__________________
1 ـ کذا صححه فی « ب » ، وفی « أ » : جعل.
2 ـ أثبتناها من « ب ».
3 ـ راجع فرائد الأصول / 236.

 
فی دوران الأمر بین التخییر والتعیین فی غیر المقام ، ولکن الترجیح إنّما یکون لشدة الطلب فی أحدهما ، وزیادته على الطلب فی الآخر بما لا یجوز الإِخلال بها فی صورة المزاحمة ، ووجب الترجیح بها ، وکذا وجب ترجیح احتمال ذی المزیة فی صورة الدوران.
ولا وجه لترجیح احتمال الحرمة مطلقاً ، لأجل أن دفع المفسدة أولى من ترک المصلحة ، ضرورة إنّه رب واجب یکون مقدماً على الحرام فی صورة المزاحمة بلا کلام ، فکیف یقدم على احتماله احتماله فی صورة الدوران بین مثلیهما؟ فافهم.  

 
فصل
لو شک فی المکلف به مع العلم بالتکلیف من الإِیجاب أو التحریم ، فتارة لتردده بین المتابینین ، وأخرى بین الأقلّ والأکثر الارتباطیین ، فیقع الکلام فی مقامین :
المقام الأوّل : فی دوران الأمر بین المتابینین.
لا یخفى أن التکلیف المعلوم بینهما مطلقاً ـ ولو کانا فعل أمر وترک آخر ـ إن کان فعلّیاً من جمیع الجهات ، بأن یکون واجداً لما هو العلة التامة للبعث أو الزجر الفعلّی ، مع ما هو [ علیه ] (1) من الإِجمال والتردد والاحتمال ، فلا محیص عن تنجزه وصحة العقوبة على مخالفته ، وحینئذ لا محالة یکون ما دلّ بعمومه على الرفع أو الوضع أو السعة أو الإِباحة مما یعم أطراف العلم مخصصاً عقلاً ، لأجل مناقضتها معه.
وإن لم یکن فعلّیاً کذلک ـ ولو کان بحیث لو علم تفصیلاً لوجب امتثاله وصحّ العقاب على مخالفته ، لم یکن هناک مانع عقلاً ولا شرعاً عن شمول أدلة البراءة الشرعیة للأطراف.
ومن هنا انقدح إنّه لا فرق بین العلم التفصیلی والإِجمالی ، إلّا إنّه لا مجال
__________________
1 ـ زیادة یقتضیها السیاق. 
 
للحکم الظاهری مع التفصیلی ، فإذا کان الحکم الواقعی فعلیاً من سائر الجهات ، لا محالة یصیر فعلیاً معه من جمیع الجهات ، وله مجال مع الإِجمالی ، فیمکن أن لا یصیر فعلّیاً معه ، لإمکان جعل الظاهری فی أطرافه ، وإن کان فعلّیاً من غیر هذه الجهة ، فافهم.
ثم إن الظاهر إنّه لو فرض أن المعلوم بالإِجمال کان فعلیاً من جمیع الجهات لوجب عقلاً موافقته مطلقاً ولو کانت أطرافه غیر محصورة. وإنما التفاوت بین المحصورة وغیرها هو أن عدم الحصر ربما یلازم ما یمنع عن فعلیة المعلوم ، مع کونه فعلّیاً لولاه من سائر الجهات.
وبالجملة لا یکاد یرى العقل تفاوتاً بین المحصورة وغیرها ، فی التنجز وعدمه ، فیما کان المعلوم إجمالاً فعلّیاً ، یبعث المولى نحوه فعلاً أو یزجر عنه کذلک مع ما هو علیه من کثرة أطرافه.
والحاصل أن اختلاف الأطراف فی الحصر وعدمه لا یوجب تفاوتاً فی ناحیة العلم. ولو أوجب تفاوتاً فإنما هو فی ناحیة المعلوم فی فعلیة البعث أو الزجر مع الحصر ، وعدمها مع عدمه ، فلا یکاد یختلف العلم الإِجمالی باختلاف الأطراف قلة وکثرة فی التنجیز وعدمه ما لم یختلف المعلوم فی الفعلیة وعدمها بذلک ، وقد عرفت آنفا إنّه لا تفاوت بین التفصیلی والإِجمالی فی ذلک ، ما لم یکن تفاوت فی طرف المعلوم أیضاً ، فتأمل تعرف.
وقد انقدح إنّه لا وجه لاحتمال عدم وجوب الموافقة القطعیة مع حرمة مخالفتها ، ضرروة أن التکلیف المعلوم إجمالاً لو کان فعلیاً لوجب موافقته قطعاً ، وإلاّ لم یحرم مخالفته کذلک أیضاً.
ومنه ظهر إنّه لو لم یعلم فعلیة التکلیف مع العلم به إجمالاً ، امّا من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه ، أو من جهة الاضطرار إلى بعضها معیناً أو مردداً ، أو من جهة تعلقه بموضوع یقطع بتحققه إجمالاً فی هذا الشهر ، کأیام حیض المستحاضة 
 
مثلاً ، لما وجب موافقته بل جاز مخالفته ، وإنّه لو علم فعلیته ولو کان بین أطراف تدریجیة ، لکان منجزاً ووجب موافقته. فإن التدرج لا یمنع عن الفعلیة ، ضرورة إنّه کما یصحّ التکلیف بأمر حالی کذلک یصحّ بأمر استقبالی ، کالحج فی الموسم للمستطیع ، فافهم.
تنبیهات
الأول : إن الاضطرار کما یکون مانعاً عن العلم بفعلیة التکلیف لو کان إلى واحد معیّن ، کذلک یکون مانعاً لو کان إلى غیر معیّن ، ضرورة إنّه مطلقاً موجب لجواز ارتکاب أحد الأطراف أو ترکه ، تعییناً أو تخییراً ، وهو ینافی العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بینها فعلاً. وکذلک لا فرق بین أن یکون الاضطرار کذلک سابقاً على حدوث العلم أو لاحقا ؛ وذلک لأن (1) التکلیف المعلوم بینها من أول الأمر کان محدوداً بعدم عروض الاضطرار إلى متعلقة ، فلو عرض على بعضٍ أطرافه لما کان التکلیف به معلوماً ، لاحتمال أن یکون هو المضطر إلیه فیما کان الاضطرار إلى المعینّ ، أو یکون هو المختار فیما کان إلى بعضٍ الأطراف بلا تعیین.
لا یقال : الاضطرار إلى بعضٍ الأطراف لیس إلّا کفقد بعضها ، فکما لا إشکال فی لزوم رعایة الاحتیاط فی الباقی مع الفقدان ، کذلک لا ینبغی الإِشکال فی لزوم رعایته مع الاضطرار ، فیجب الاجتناب عن الباقی أو ارتکابه خروجاً عن
__________________
1 ـ لا یخفى أن ذلک إنّما یتم فیما کان الاضطرار إلى أحدهما لا بعینه ، وأما لو کان إلى أحدهما المعینّ ، فلا یکون بمانع عن تأثیر العلم للتنجز ، لعدم منعه عن العلم بفعلیة التکلیف المعلوم إجمالاً ، المردّد بین أن یکون التکلیف المحدود فی ذلک الطرف أو المطلق فی الطرف الآخر ؛ ضرورة عدم ما یوجب عدم فعلیة مثل هذا المعلوم أصلاً ، وعروض الاضطرار إنّما یمنع عن فعلیة التکلیف لو کان فی طرف معروضه بعد عروضه ، لا عن فعلیة المعلوم بالإِجمال المردّد بین التکلیف المحدود فی طرف المعروض ، والمطلق فی الآخر بعد العروض ، وهذا بخلاف ما إذا عرض الاضطرار إلى أحدهما لا بعینه ، فإنّه یمنع عن فعلیة التکلیف فی البین مطلقاً ، فافهم وتأملّ منه ( 1 ). 
 
عهدة ما تنجز علیه قبل عروضه.
فإنّه یقال : حیث أن فقد المکلف به لیس من حدود التکلیف به وقیوده ، کان التکلیف المتعلق به مطلقاً ، فإذا اشتغلت الذمة به ، کان قضیة الإِشتغال به یقیناً الفراغ عنه کذلک ، وهذا بخلاف الاضطرار إلى ترکه ، فإنّه من حدود التکلیف به وقیوده ، ولا یکون الإِشتغال به من الأوّل إلّا مقیداً بعدم عروضه ، فلا یقین باشتغال الذمة بالتکلیف به إلّا إلى هذا الحد ، فلا یجب رعایته فیما بعده ، ولا یکون إلّا من باب الاحتیاط فی الشبهة البدویة ، فافهم وتأملّ فإنّه دقیق جدّاً.
الثانی : إنّه لما کان النهی عن الشیء (1) إنّما هو لأجل أن یصیر داعیاً للمکلف نحو ترکه ، لو لم یکن له داع آخر ـ ولا یکاد یکون ذلک إلّا فیما یمکن عادةً ابتلاؤه به ، وأما ما لا ابتلاء به بحسبها ، فلیس للنهی عنه موقع أصلاً ، ضرورة إنّه بلا فائدة ولا طائل ، بل یکون من قبیل طلب الحاصل ـ کان الابتلاء بجمیع الأطراف مما لابد منه فی تأثیر العلم ، فإنّه بدونه لا علم بتکلیف فعلیّ ، لاحتمال تعلق الخطاب بما لا ابتلاء به.
ومنه قد انقدح أن الملاک فی الابتلاء المصحح لفعلیة الزجر وانقداح طلب ترکه فی نفس المولى فعلاً ، هو ما إذا صحّ انقداح الداعی إلى فعله فی نفس العبد مع اطلاعه على ما هو علیه من الحال ، ولو شک فی ذلک کان المرجع هو البراءة ، لعدم القطع بالاشتغال ، لا إطلاق الخطاب (2) ، ضرورة إنّه لا مجال للتشبث به إلّا فیما إذا شک فی التقیید بشیء (3) بعد الفراغ عن صحة الإِطلاق بدونه ، لا فیما شک فی اعتباره فی صحته ، تأمل (4) لعلک تعرف إن شاء الله تعالى.
__________________
1 ـ کما إنّه إذا کان فعل الشیء الذی کان متعلقاً لغرض المولى مما لا یکاد عادةً أن یترکه العبد ، وأنّ لا یکون له داع إلیه ، لم یکن للأمر به والبعث إلیه موقع أصلاً ، کما لا یخفى ، منه ( 1 ).
2 ـ تعریض بما قد یظهر من الشیخ ، فرائد الأصول / 252.
3 ـ هکذا صححه المصنف فی « ب » ، وفی « أ » : به.
4 ـ نعم لو کان الإِطلاق فی مقام یقتضی بیان التقیید بالابتلاء ـ لو لم یکن هناک ابتلاء مصحح للتکلیف ـ  

 
الثالث : إنّه قد عرفت إنّه مع فعلیة التکلیف المعلوم ، لا تفاوت بین أن تکون أطرافه محصورة وأنّ تکون غیر محصورة.
نعم ربما تکون کثرة الأطراف فی مورد موجبة لعسر موافقته القطعیة باجتناب کلها أو ارتکابه ، أو ضرر فیها أو غیرهما مما لا یکون معه التکلیف فعلّیاً بعثاً أو زجراً فعلاً ، ولیس بموجبة لذلک فی غیره. کما أن نفسها ربما یکون موجبة لذلک ولو کانت قلیلة فی مورد آخر ، فلابد من ملاحظة ذاک الموجب لرفع فعلیة التکلیف المعلوم بالإِجمال إنّه یکون أو لا یکون فی هذا المورد ، أو یکون مع کثرة أطرافه وملاحظة إنّه مع أیة مرتبة من کثرتها کما لا یخفى.
ولو شک فی عروض الموجب ، فالمتبع هو إطلاق دلیل التکلیف لو کان ، وإلاّ فالبراءة لأجل الشک فی التکلیف الفعلیّ ، هذا هو حق القول فی المقام ، وما قیل (1) فی ضبط المحصور وغیره لا یخلو من الجزاف.
الرابع : إنّه إنّما یجب عقلاً رعایة الاحتیاط فی خصوص الأطراف ، مما یتوقف على اجتنابه أو ارتکابه حصول العلم بإتیان الواجب أو ترک الحرام المعلومین فی البین دون غیرها ، وأنّ کان حاله حال بعضها فی کونه محکوماً بحکمه واقعاً.
ومنه ینقدح الحال فی المسألة ملاقاة شیء مع أحد أطراف النجس المعلوم بالإِجمال ، وإنّه تارةً یجب الاجتناب عن الملاقى دون ملاقیه ، فیما کانت الملاقاة بعد العلم إجمالاً بالنجس بینها ، فإنّه إذا اجتنب عنه وطرفه اجتنب عن النجس فی البین قطعاً ، ولو لم یجتنب عما یلاقیه ، فإنّه على تقدیر نجاسته لنجاسته کان فرداً آخر من النجس ، قد شک فی وجوده ، کشیء آخر شک فی نجاسته بسبب آخر.
__________________
کان الإِطلاق وعدم بیان التقیید د إلّا على فعلیته ، ووجود الابتلاء المصحح لهما ، کما لا یخفى ، فافهم منه ( 1 ).
1 ـ راجع فرائد الأصول / 260 ـ 262. 
 
ومنه ظهر إنّه لا مجال لتوهم (1) أن قضیة الاجتناب عن المعلوم هو الاجتناب عنه أیضاً ، ضرورة أن العلم به إنّما یوجب تنجز الاجتناب عنه ، لا تنجز الاجتناب عن فرد آخر لم یعلم حدوثه وأنّ احتمل.
وأُخرى یجب الاجتناب عما لاقاه دونه ، فیما لو علم إجمالاً نجاسته أو نجاسة شیء آخر ثم حدث [ العلم بـ ] (2) الملاقاة والعلم بنجاسة الملاقى أو ذاک الشیء أیضاً ، فإن حال (3) الملاقى فی هذه الصورة بعینها حال ما لاقاه فی الصورة السابقة فی عدم کونه طرفاً للعلم الإِجمالی ، وإنّه فرد آخر على تقدیر نجاسته واقعاً غیر معلوم النجاسة أصلاً ، لا إجمالاً ولا تفصیلاً ، وکذا لو علم بالملاقاة ثم حدث العلم الإِجمالی ، ولکن کان الملاقى خارجاً عن محلّ الابتلاء فی حال حدوثه وصار مبتلى به بعده.
وثالثة یجب الاجتناب عنهما ، فیما لو حصل العلم الإِجمالی بعد العلم بالملاقاة ؛ ضرورة إنّه حینئذ نعلم إجمالاً : امّا بنجاسة الملاقی والملاقى أو بنجاسة الآخر کما لا یخفى ، فیتنجز التکلیف بالاجتناب عن النجس فی البین ، وهو الواحد أو الإثنان (4).
المقام الثّانی : ( فی دوران الأمر بین الأقلّ والأکثر الارتباطیین ).
والحق أن العلم الإِجمالی بثبوت التکلیف بینهما ـ أیضاً ـ یوجب الاحتیاط عقلاً بإتیان الأکثر ، لتنجزه به حیث تعلق بثبوته فعلا.
__________________
1 ـ جعل الشیخ هذا التوهم أحد الاحتمالین فی المسألة ، مستشهداً له بکلام السید أبی المکارم فی الغنیة ولم نعثر علیه فی الغنیة ، نعم استدل أبو المکارم بایتی تحریم الخبائت وتحریم المیتة ، ولکن یظهر ما ذکره الشیخ من کلام السید المرتضى فی الناصریات ، للمزید راجع فرائد الأصول 252 والغنیة ( الجوامع الفقهیة 489 ) والناصریات ( الجوامع الفقهیة 214 ).
2 ـ أثبتناها من « ب ».
3 ـ وأنّ لم یکن احتمال نجاسة ما لاقاه إلّا من ملاقاته ، منه ( 1 ).
4 ـ فی نسختی « أ و ب » الاثنین. 
 
وتوهم (1) انحلاله إلى العلم بوجوب الأقل تفصیلاً والشک فی وجوب الأکثر بدواً ـ ضرورة لزوم الإِتیان بالاقل لنفسه شرعاً ، أو لغیره کذلک أو عقلاً ، ومعه لا یوجب تنجزه لو کان متعلقاً بالأکثر ـ فاسد قطعاً ، لاستلزام الانحلال المحال ، بداهة توقف لزوم الأقلّ فعلاً امّا لنفسه أو لغیره على تنجزه إلّا إذا کان متعلقاً بالاقل کان خلفاً ، مع إنّه یلزم من وجوده عدمه ، لاستلزامه عدم تنجز التکلیف على کلّ حال المستلزم لعدم لزوم الأقلّ مطلقاً ، المستلزم لعدم الانحلال ، وما یلزم من وجوده عدمه محال.
نعم إنّما ینحل إذا کان الأقل ذا مصلحة ملزمة ، فإن وجوبه حینئذ یکون معلوماً له ، وإنما کان التردید لاحتمال أن یکون الأکثر ذا مصلحتین ، أو مصلحة أقوى من مصلحة الأقلّ ، فالعقل فی مثله وأنّ استقل بالبراءة بلا کلام ، إلّا إنّه خارج عما هو محلّ النقض والأبرام فی المقام. هذا.
مع أن الغرض الداعی إلى الأمر لا یکاد یحرز إلّا بالأکثر ، بناءً على ما ذهب إلیه المشهور من العدلیة من تبعیة الأوامر والنواهی للمصالح والمفاسد فی المأمور به والمنهی عنه ، وکون الواجبات الشرعیة ألطافاً فی الواجبات العقلیة ، وقد مرّ (2) اعتبارٍ موافقة الغرض وحصوله عقلاً فی إطاعة الأمر وسقوطه ، فلابد من إحرازه فی إحرازها ، کما لا یخفى.
ولا وجه للتفصی عنه (3) : تارةً بعدم ابتناء مسألة البراءة والاحتیاط على ما ذهب إلیه مشهور العدلیة ، وجریإنّها على ما ذهب إلیه الأشاعرة المنکرین (4) لذلک ، أو
__________________
1 ـ تعریض بالشیخ 1 ، راجع فرائد الأصول / 274.
2 ـ فی المبحث الخامس من الفصل الثّانی من المقصد الأوّل فی الأوامر حیث قال : وأنّ لم یکد یسقط بذلک فلا یکاد له وجه إلّا عدم حصول غرضه .. إلخ.
3 ـ ردّ على الشیخ ، أنظر فرائد الأصول / 273.
4 ـ فی نسخ « أ » و « ب ». المنکرین ... المکتفین ، والصحیح ما اثبتناه. 
 
بعض العدلیة المکتفین بکون المصلحة فی نفس الأمر دون المأمور به.
وأُخرى بأن حصول المصلحة واللطف فی العبادات لا یکاد یکون إلّا بإتیإنّها على وجه الامتثال ، وحینئذ کان لاحتمال اعتبارٍ معرفة أجزائها تفصیلاً ـ لیؤتى بها مع قصد الوجه ـ مجال ، ومعه لا یکاد یقطع بحصول اللطف والمصلحة الداعیة إلى الأمر ، فلم یبق إلّا التخلص عن تبعة مخالفته بإتیان ما علم تعلقه به ، فإنّه واجب عقلاً وأنّ لم یکن فی المأمور به مصلحة ولطف رأساً ، لتنجزه بالعلم به إجمالا. وأما الزائد علیه لو کان فلا تبعة على مخالفته من جهته ، فإن العقوبة علیه بلا بیان.
وذلک ضرورة أن حکم العقل بالبراءة ـ على مذهب الاشعری ـ لا یجدی من ذهب إلى ما علیه المشهور من العدلیة ، بل من ذهب إلى ما علیه غیر المشهور ، لاحتمال أن یکون الداعی إلى الأمر ومصلحته ـ على هذا المذهب أیضاً ـ هو ما فی الواجبات من المصلحة وکونها ألطافاً ، فافهم.
وحصول اللطف والمصلحة فی العبادة ، وأنّ کان یتوقف على الإِتیان بها على وجه الامتثال ، إلّا إنّه لا مجال لاحتمال اعتبارٍ معرفة الإِجزاء وإتیإنّها على وجهها ، کیف؟ ولا إشکال فی إمکان الاحتیاط هاهنا کما فی المتباینین ، ولا یکاد یمکن مع اعتباره. هذا مع وضوح بطلان احتمال اعتبارٍ قصد الوجه کذلک ، والمراد بالوجه فی کلام من صرح بوجوب إیقاع الواجب على وجهه ووجوب اقترإنّه به ، هو وجه نفسه من وجوبه النفسی ، لا وجه أجزائه من وجوبها الغیری أو وجوبها العرضی ، وإتیان الواجب مقترناً بوجهه غایة ووصفا بإتیان الأکثر بمکان من الإِمکان ؛ لانطباق الواجب علیه ولو کان هو الأقلّ ، فیتأتى من المکلف معه قصد الوجه.
واحتمال اشتماله على ما لیس من أجزائه لیس بضائر ، إذا قصد وجوب المأتیّ على إجماله ، بلا تمییز ماله دخل فی الواجب من أجزائه ، لاسیما إذا دار الزائد بین کونه جزءاً لماهیته وجزءاً لفرده ، حیث ینطبق الواجب على المأتیّ 
 
حینئذ بتمامه وکماله ، لأن الطبیعی یصدق على الفرد بمشخصاته.
نعم ، لو دار بین کونه جزءاً أو مقارناً لما کان منطبقا علیه بتمامه لو لم یکن جزءاً ، لکنه غیر ضائر لانطباقه علیه أیضاً فیما لم یکن ذاک الزائد جزء غایته ، لا بتمامه بل بسائر أجزائه هذا.
مضافاً إلى أن اعتبارٍ قصد الوجه من رأس مما یقطع بخلافه ، مع أن الکلام فی هذه المسألة لا یختص بما لابد أن یؤتى به على وجه الامتثال من العبادات ، مع إنّه لو قیل باعتبار قصد الوجه فی الامتثال فیها على وجه ینافیه التردد والاحتمال ، فلا وجه معه للزوم مراعاة الأمر المعلوم أصلاً ، ولو بإتیان الأقلّ لو لم یحصل الغرض ، وللزم الاحتیاط بإتیان الأکثر مع حصوله ، لیحصل القطع بالفراغ بعد القطع بالاشتغال ، لاحتمال بقائه مع الأقلّ بسبب بقاء غرضه ، فافهم.
هذا بحسب حکم العقل.
وأما النقل (1) فالظاهر أن عموم مثل حدیث الرفع قاضٍ برفع جزئیة ما شک فی جزئیته ، فبمثله یرتفع الإِجمال والتردد عما تردد أمره بین الأقل والأکثر ، ویعیّنه فی الأول.
لا یقال (2) : إن جزئیة السورة المجهولة (3) ـ مثلاً ـ لیست بمجعولة ولیس لها أثر مجعول ، والمرفوع بحدیث رافع إنّما هو المجعول بنفسه أو أثره ، ووجوب الإِعادة
__________________
1 ـ لکنه لا یخفى إنّه لا مجال للنقل فیما هو مورد حکم العقل بالاحتیاط ، وهو ما إذا علم إجمالاً بالتکلیف الفعلّی ، ضرورة إنّه ینافیه دفع الجزئیة المجهولة ، وإنما یکون مورده ما إذا لم یعلم به کذلک ، بل علم مجرد ثبوته واقعاً ، وبالجملة الشک فی الجزئیة والشرطیة وأنّ کان جامعاً بین الموردین ، إلّا أن مورد حکم العقل مع القطع بالفعلیة ، ومورد النقل هو مجرد الخطاب بالإِیجاب ، فافهم منه ( 1 ).
2 ـ القائل هو الشیخ الانصاری 1 ، فرائد الأصول / 278.
3 ـ هکذا صححه فی « ب » وفی « أ » : المنسیة. 
 
إنما هو أثر بقاء الأمر الأوّل بعد العلم (1) مع إنّه عقلی ، ولیس إلّا من باب وجوب الإطاعة عقلاً.
لإنّه یقال : إن الجزئیة وأنّ کانت غیر مجعولة بنفسها ، إلّا إنّها مجعولة بمنشأ انتزاعها ، وهذا کافٍ فی صحة رفعها.
لا یقال : إنّما یکون ارتفاع الأمر الانتزاعی برفع منشأ انتزاعه ، إلّا أن نسبة حدیث الرفع ـ الناظر إلى الادلة الدالة على بیان الإِجزاء ـ إلیها نسبة الاستثناء ، وهو معها یکون دالّة على جزئیتها إلّا مع الجهل بها (2) ، کما لا یخفى ، فتدبر جیّداً.
وینبغی التنبیه على أمور :
الأول : إنّه ظهر مما مرّ حال دوران الأمر بین المشروط بشیء ومطلقه ، وبین الخاص کالإنسان وعامه کالحیوان ، وإنّه لا مجال ها هنا للبراءة عقلاً ، بل کان الأمر فیهما أظهر ، فإن الانحلال المتوهم فی الأقلّ والأکثر لا یکاد یتوهم هاهنا ، بداهة أن الأجزاء التحلیلیة لا یکاد یتصف باللزوم من باب المقدمة عقلاً ، فالصلاة ـ مثلاً ـ فی ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصة موجودة بعین وجودها ، وفی ضمن صلاة أُخرى فاقدة لشرطها وخصوصیتها تکون متباینة للمأمور بها ، کما لا یخفى.
نعم لا بأس بجریان البراءة النقلیة فی خصوص دوران الأمر بین المشروط وغیره ، دون دوران الأمر (3) بین الخاص وغیره ، لدلالة مثل حدیث الرفع على عدم شرطیة ما شک فی شرطیته ، ولیس کذلک خصوصیة الخاص ، فإنّها إنّما تکون منتزعة عن نفس الخاص ، فیکون الدوران بینه و [ بین ] (4) غیره من قبیل الدوران بین
__________________
1 ـ فی « أ » : التذکر.
2 ـ فی « أ » : مع نسیإنّها.
3 ـ فی « أ » : دون الدوران بین ... إلخ.
4 ـ اثبتناها من « ب ». 
 
المتباینین ، فتأمل جیّداً.
الثانی : إنّه لا یخفى أن الأصل فیما إذا شک فی جزئیة شیء أو شرطیته فی حال نسیإنّه عقلاً ونقلا ، ما ذکر فی الشک فی أصل الجزئیة أو الشرطیّة ، فلولا مثل حدیث الرفع (1) مطلقاً و ( لا تعاد ) (2) فی الصلاة لحکم (3) عقلاً بلزوم إعادة ما أخلّ بجزئه أو شرطه نسیاناً ، کما هو الحال فیما ثبت شرعاً جزئیته أو شرطیته مطلقاً نصاً أو إجماعاً.
ثم لا یذهب علیک إنّه کما یمکن رفع الجزئیة أو الشرطیّة فی هذا الحال بمثل حدیث الرفع ، کذلک یمکن تخصیصهما (4) بهذا الحال بحسب الأدلة الاجتهادیة ، کما إذا وجه الخطاب على نحو یعم الذاکر والناسی بالخالی عما شک فی دخله مطلقاً ، وقد دلّ دلیل آخر على دخله فی حق الذاکر ، أو وجّه إلى الناسی خطاب یخصه بوجوب الخالی بعنوان آخر عام أو خاص ، لا بعنوان الناسی کی یلزم استحالة إیجاب ذلک علیه بهذا العنوان ؛ لخروجه عنه بتوجیه الخطاب إلیه لا محالة. کما توهّم (5) لذلک استحالة تخصیص الجزئیة أو الشرطیّة بحال الذکر وإیجاب العمل الخالی عن المنسی على الناسی ، فلا تغفل.
الثالث : إنّه ظهر ـ ممّا مرّ ـ حال زیادة الجزء إذا شک فی اعتبارٍ عدمها شرطاً أو شطراً فی الواجب ـ مع عدم اعتباره فی جزئیته ، وإلاّ لم یکن من زیادته بل من نقصإنّه ـ وذلک لاندراجه فی الشک فی دخل شیء فیه جزءاً أو شرطاً ، فیصحّ لو أتى به مع الزیادة عمداً تشریعاً أو جهلاً قصوراً أو تقصیراً أو سهواً ، وأنّ استقل العقل
__________________
1 ـ الخصال 2 / 417 ، الحدیث 9 والفقیه 1 / 36 الحدیث 4.
2 ـ الفقیه 1 / 225 ، أحکام السهو الحدیث 8 ، الفقیه 1 / 181 ، فی القبلة / الحدیث 17 ، والتهذیب 2 / 52 ، ب 9 / الحدیث 55.
3 ـ فی « ب » : یحکم.
4 ـ فی « ب » : تخصیصها.
5 ـ المتوهم هو الشیخ 1 ، فرائد الأصول / 286. 
 
لولا النقل بلزوم الاحتیاط ، لقاعدة الاشتغال.
نعم لو کان عبادة وأتى به کذلک ، على نحو لو لم یکن للزائد دخل فیه لما یدعو إلیه وجوبه ، لکان باطلاً مطلقاً أو فی صورة عدم دخله فیه ، لعدم قصد الامتثال فی هذه الصورة ، مع استقلال العقل بلزوم الإِعادة مع اشتباه الحال لقاعدة الاشتغال.
وأما لو أتى به على نحو یدعوه إلیه على أیّ حال کان صحیحاً ، ولو کان مشرّعاً فی دخله الزائد فیه بنحو ، مع عدم علمه بدخله ، فإن تشریعه فی تطبیق المأتیّ مع المأمور به ، وهو لا ینافی قصده الامتثال والتقرب به على کلّ حال.
ثم إنّه ربما تمسک لصحة ما أتى به مع الزیادة باستصحاب الصحة ، وهو لا یخلو من کلام ونقض وإبرام خارج عما هو المهمّ فی المقام ، ویأتی (1) تحقیقه فی مبحث الاستصحاب ، إن شاء الله تعالى.
الرابع : إنّه لو علم بجزئیة شیء أو شرطیته فی الجملة ، ودار [ الأمر ] (2) بین أن یکون جزءاً أو شرطاً مطلقاً ولو فی حال العجز عنه ، وبین أن یکون جزءا أو شرطاً فی خصوص حال التمکن منه ، فیسقط الأمر بالعجز عنه على الأوّل ، لعدم القدرة حینئذ على المأمور به ، لا على الثّانی فیبقى متعلقاً بالباقی ، ولم یکن هناک ما یعین أحد الأمرین ، من إطلاق دلیل اعتباره جزءاً أو شرطاً ، أو إطلاق دلیل المأمور به مع إجمال دلیل اعتباره أو إهماله ، لاستقل العقل بالبراءة عن الباقی ، فإن العقاب على ترکه بلا بیان والمؤاخذة علیه بلا برهان.
لا یقال : نعم ولکن قضیة مثل حدیث الرفع عدم الجزئیة أو الشرطیّة إلّا فی حال التمکن منه.
فإنّه یقال : إنّه لا مجال ها هنا لمثله ، بداهة إنّه ورد فی مقام الامتنان ،
__________________
1 ـ الظاهر إنّه 1 نسی وعده ، وللمزید راجع نهایة الدرایة 2 / 288.
2 ـ اثبتناها من « ب ».

نظرات  (۰)

هیچ نظری هنوز ثبت نشده است

ارسال نظر

ارسال نظر آزاد است، اما اگر قبلا در بیان ثبت نام کرده اید می توانید ابتدا وارد شوید.
شما میتوانید از این تگهای html استفاده کنید:
<b> یا <strong>، <em> یا <i>، <u>، <strike> یا <s>، <sup>، <sub>، <blockquote>، <code>، <pre>، <hr>، <br>، <p>، <a href="" title="">، <span style="">، <div align="">
تجدید کد امنیتی